رحلة العمر ونقاط التحول
في ذلك الصيف بدأت رحلة حنان مع الحياة , وضعت أمها طفلة جميلة ذات عيون سوداء واسعة فيها ملامح البراءة , وضعتها أمها وهي لا تعلم ماذا يخبئ لها القدر , وضعتها في مستشفى الحي بمنطقتهم و أبوها ينتظر بفارغ الصبر قدوم الصبي الذي يحلم به و ما إن وضعت أم حنان حنان حتى خرجت الممرضة لتبشر الأب بالمولودة الجميلة ولكن سرعان ما أسود وجه الأب وخرج غاضبا من المستشفى حتى لم يقبل أبنته البريئة , حنان اليوم بدأت رحلتها في الحياة وبدأت أولى نقاط التحول في حياتها وهي خروجها للدنيا , حزنت الأم من موقف الأب ولكن ما باليد حيله قررت الأم أن تسميها حنان هل تعلمون لماذا ؟ نعم لأنها تفتقد الحنان من ذلك الزوج القاسي , وفعلا أسمتها حنان وكبرت حنان فهي فتاة شقية بعض الشيء وذكية جدا كانت تقود أترابها من الأطفال كانت هي التي تأمر وتنهي رغم صغر سنها وبلغت حنان الخامسة من عمرها وهي ترى الأطفال يذهبون إلى مدارسهم تسأل أمها بشغف أمي متى أذهب إلى المدرسة !؟ تجيب الأم الحنونة بعد سنة بمشيئة الله . وترقب حنان الأيام والأشهر حتى مرت السنة وتبدأ نقطة التحول الثانية في حياتها وهي دخولها إلى المدرسة كانت حنان تكاد تطير من الفرح لم تكن تفكر بشيء غير المدرسة استعدت للمدرسة بوجه يملأه النشاط و الحيوية فهي عكس الأطفال الذين يخافون من المدرسة بل كانت تحب المدرسة حبا عظيما , يبدو أن حبها للمدرسة هو بسبب قسوة والدها والجو الذي يملأه الشجار والتعاسة في منزلها , ومرت الأيام وحنان تكبر وتكبر وتزداد جمالا وتألقا فقد كانت متفوقة في دراستها , كانت تعود من المدرسة وبيدها أرواق الامتحانات ودفاترها المليئة بعبارات المدح والشكر لتري والدها إبداع ابنته ولكن ما إن تعود إلى المنزل وتدخل من الباب حتى تسمع أصوات الصراخ والخصام بين والديها فما كان منها إلا أن تبكي وتبكي بدون أن يشعر فيها أحد وحينما تلاحظ عليها أمها علامات الحزن تقول لاشيء وهكذا كل يوم , ومرت الأيام وحنان تعيش بحالة من الكبت والحزن وأكملت حنان دراستها الابتدائية والمتوسطة وبدأت نقطة التحول الثالثة في حياة حنان وهي دخولها في المرحلة الثانوية مرحلة المراهقة , كانت حنان تشعر بما تشعر به أي فتاة بتلك المرحلة تريد أن تعبر عن مشاعرها تريد أن يفهمها الآخرين تريد الحنان والعطف و الاهتمام من والديها ولكن للأسف لم تجد معين فكل الذي تجده في المنزل هو أب مشغول بعمله وإن تكلم فهو يصرخ وأم مشغولة بواجباتها المنزلية , لا يعلمون مدى حاجة ابنتهم لهم وبالأخص بهذه المرحلة , حلمت حنان بأن تحب شخصا ويبادلها نفس الشعور بدأت أحلامها تكبر شيئا فشيئا وبدأ مستواها التعليمي يهبط فهي في أحلامها تسبح , فكرت بأن تنشئ علاقة كي تعيش كما يعيش المحبون في آهاتهم ومشاعرهم قررت ذلك وفي يوم وهي عائده من المدرسة حاولت أن ترفع بصرها في الشارع كي ترى هل من معجب ولكن حياءها وعفتها منعتها من ذلك بالرغم ان الشباب يملئون الأرصفة , حنان ليست من هذا النوع لكن إهمال الأهل هو السبب !
برأيكم لو كان أبوها حنونا ومهتما بها وأمها تسألها وتعاملها كصديقة هل ستفكر بذلك !؟
قد يقول قائل الحب لا بد منه و لوكان الأهل يهتمون ببناتهم ولكن هل سيكون من هذا الطريق !؟
نعود لقصتنا , لم تستطع حنان فعل ما تريد فرجعت إلى المنزل تبكي ولا أحد يشعر بها حنان لديها صديقات كثر ولكن كلا منهن مشغول بحياته الخاصة حلمت حنان بصديقة تتفهمها وتساعدها وتبث لها أحزانها صديقة تحبها بمعنى الكلمة تحل لها ما يصعب عليها من تحديات الحياة , وفي آخر سنه من المرحلة الثانوية انتقلت حنان من مدرستها إلى مدرسة أخرى نظرا لظروف عمل والدها وفي تلك المدرسة تعرفت حنان على فتاة تدعى جنان كانت جنان فتاة مهذبة طيبة وكانت نعم الصديقة لحنان , أحبت حنان جنان حبا عميقا لأنها كانت تتحاور معها وتتفهم ما بداخلها .
برأيكم لو كانت جنان فتاة سيئة هل ستكون حنان بخير , تعلقت حنان بصديقتها جنان كثيرا كانت هي الأهل والأصحاب والخلان وأحبتها حبا خياليا , ومرت الأيام وتزوجت جنان ونست صديقتها حنان فانهارت حنان و أصيبت بحالة اكتئاب فقد رحلت من كانت تهتم بها وتحس فيها وعادت حالتها النفسية إلى أسوأ حالة ومرت الأيام وحنان تتمنى الموت وفقدت الأمل في كل شيء ظنت أن بعد جنان عنها هو نهاية العالم وعادت لحياتها الأولى قبل أن تعرف جنان ومرت الأيام وتخرجت حنان من المرحلة الثانوية بتقدير جيد رغم انها تستحق أكثر من ذلك ولكن فقدان الاهتمام والحب هو السبب , وبدأت نقطة التحول الرابعة في حياة حنان وهي لا تشعر بتلك النقاط التي تمر بها وقد تمر بها كل فتاة على ما اعتقد وهي دخولها إلى الجامعة , كانت حنان تحلم بأن تكون طبيبة ولكن كما قلت لكم جو المنزل ونفسيتها ومجموع درجاتها بالمرحلة الثانوية لم يسمح لها بدخول كلية الطب فتوجهت إلى كلية أخرى والألم يعتصر قلبها وبدأت تحلم من جديد وتنتظر فارس الأحلام الذي سيأخذها من هذا الجحيم وقررت بأن تكون مرحلة الجامعة مرحلة مختلفة عن بقية حياتها فهي تعلمت الكثير بعد رحيل صديقتها جنان وفعلا حصلت حنان على علامات مرتفعة ومرت الأيام وتخرجت من الجامعة , بدأت حنان تحب الحياة لأنها صارت ناضجة وبدأت بذلك النقطة الخامسة من نقاط التحول بحياتها تعلمت ألا تحتاج لأحد هي قادرة على كل شي صحيح انها مازالت بحاجه للحب والحنان ولكنها لن تستسلم للألم أبدا وفي رحلتها في حياتها صادفت فتاة تدعى روعه فتعرفت عليها أحبت حنان روعه لهدوئها وحسن أخلاقها وصدقها ولأنها أحست فيها الصديقة المخلصة احتارت حنان لأنها كانت خائفة من أن روعه تتركها بيوم من الأيام فحاولت أن لا تحبها ولكن القدر أقوى مما نتخيل فقد تمكنت روعه من حجز مكان لها بقلب حنان بالرغم أن روعه أصغر من حنان سنا ولكنها استطاعة كسب قلبها , كانت حنان تعتقد أن صديقتها جنان لا يوجد لها مثيل ولكن الأمر أختلف فروعه إنسانه رائعة بمعنى الكلمة , كانت حنان تنظر لصديقتها روعه بعين التعجب لسان حالها يقول كدت افقد الأمل لكن الدنيا مازالت بخير , أحبت حنان روعه حبا مختلفا عن حب جنان , حنان كانت تحب جنان حب احتياج حتى تخرجها من أزمات الحياة لكن حب روعه يختلف تماما فهو حب اختيار لأن حنان الآن ناضجة ولا تحتاج لصديقة بقدر ما كانت تحتاج إلى صديقة في مرحلة المراهقة . فعلا حنان تحب الآن بعقل أكثر وقد يكون حبا حقيقيا بمعنى الكلمة وفي هذه الفترة تحقق لحنان حلما اخر فقد تزوجت بشاب خلوق حنون عوضها عن كل ما لاقته في حياتها السابقة فكونت أسرة صغيره سعيدة واتخذت أسلوب الحوار والتفهم أساسا فيها و قررت حنان ألا تكون حياتها كحياة أي إنسان فقررت تأليف كتيب يحتوي على أهم نقاط التحول التي يمر بها الإنسان في حياته, هل تعلمون لماذا !؟
نعم حتى لا تمر تلك النقاط بحياة الإنسان بدون أن يشعر بها وحتى يتنبه الآباء والأمهات إلى حاجة أبنائهم إليهم و ما مدى حاجتهم إليهم بمرحلة المراهقة و ما هي السلبيات التي يمكن أن يصاب بها الأبناء لتجنب ذلك ولكي ترفقوا بأبنائكم أنتم ايها الشباب حينما تنجبون أطفالا , وأسمت الكتيب رحلة العمر ونقاط التحول , حتى لا يقع الآباء بأخطاء بحق أبنائهم ولا يحرمونهم الحنان والعطف حتى لا يلجئوا للغير, وأخيرا لا تعتقدوا أن قصة حنان قصة عاديه ليس فيها من الإثارة ما يكفي لا لكن انظروا إليها بعمق فستعرفون كم هي مثيره لأنها فتاة قوية تحدت الحياة دون أن تقع بالخطأ
وأنتم هل تعلمون أن القسوة والإهمال هي مدمره لشخصية الإنسان !؟
لا تجيبون الآن ولكن حينما تنجبون أطفالا .
ودمتم سالمين
مع تحياتي
الثلاثاء فبراير 16, 2010 7:10 am